وُلد الخوري أرسانيوس بن يوسف بن إبراهيم الفاخوري سنة 1800م في قرية بعبدا بلبنان، وكان اسمه الأصلي فارس، لكنه عُرف بـأرسانيوس بعد رسامته كاهنًا. ينتمي إلى عائلة لقّبت بـالفاخوري لأن جده عمل في صناعة الفخار. تلقى تعليمه المبكر في المدرسة الرومية، ثم انتقل إلى مدرسة مار أنطونيوس (عين ورقة)، أشهر مدارس لبنان آنذاك، والتي كانت مقصدًا لأبناء الأعيان.
التكوين العلمي والأدبي
أتقن العلوم العربية، اللغات (الإيطالية، اللاتينية، السريانية)، المنطق، الفلسفة، اللاهوت، والشريعة المدنية. تميز بمعرفة واسعة بأخبار العرب وشعرهم، مما أهّله لنظم الشعر ببراعة. بدأ التدريس في مدرسة عين ورقة عام 1824م، وكان من تلاميذه البطريرك بولس مسعد.
في خدمة الكنيسة
استدعاه البطريرك يوسف حبيش إلى بكركي، ورقّاه إلى رتبة الكهنوت عام 1826م، وأصبح كاتبًا لأسرار البطريركية. لاحقًا، عمل ترجمانًا ومدرسًا للعربية واللاتينية في مدرسة مار عبدا بفضل تمكنه من اللغات، وخرّج عددًا من الطلاب المتميزين.
في سلك القضاء
بعد وفاة قاضي نصارى لبنان عام 1838م، اختاره الأمير بشير الشهابي لهذا المنصب لِما عُرف عنه من عدل وعلم. حظي باحترام جميع الطوائف (المسيحيين، الدروز، المسلمين) لنزاهته. استمر في القضاء حتى 1842م، ثم عاد إليه لاحقًا بمطلب من الأمير حيدر اللمعي والوزير أسعد باشا، حيث شارك في فض النزاعات بين الطوائف. توقف عن العمل القضائي عام 1856م بسبب إصابته بمرض في عينيه.
الإنتاج الأدبي والعلمي
ألّف كتبًا عديدة، منها:
روض الجنان في المعاني والبيان (مطبوع).
الميزان الذهبي في الشعر العربي (مطبوع).
زهر الربيع في فن البديع (مطبوع).
شرح ديوان المتنبي وديوان جرمانوس فرحات (مخطوطان).
كما نظم شعرًا غزيرًا (يُقدّر ديوانه بـ440 صفحة)، وتميز بمواعظه البليغة رغم إصابته بالعمى لاحقًا.
المرض والوفاة
أصيب بالعمى في سنواته الأخيرة، لكنه استمر في الإلقاء والتأليف بإملاء نصوصه على آخرين. توفي في 27 تشرين الأول 1883م ببيروت، ودُفن في كنيسة مار ميخائيل.
إرثه
يُعدّ الخوري أرسانيوس أحد أبرز أعلام النهضة الأدبية والثقافية في لبنان خلال القرن التاسع عشر، جمع بين العلم الديني، القضاء العادل، والإبداع الأدبي، تاركًا مؤلفاتٍ ما زالت مراجع في اللغة والأدب.